قوله: {وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ} الأنعام: ٧٥، أضمر: "أريناه" في آخره (١).
وقيل: تقديره: ليُصَدِّقَ الذي بين يديهِ وليُنذِر به هؤلاء.
وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ}؛ أي: الذين يُصدِّقون بالآخرةِ مِن (٢) أتباعِ محمَّد عليه الصلاةُ والسَّلام، وقد تَدبَّروا هذا القراَنَ، فدلَّهم ذلك على أنَّه مُنزَّلٌ مِن عند اللَّه، فصدَّقوا به، فهم به مؤمنون، وللصَّلواتِ الخمسِ -التي هي أعظمُ العبادات بعدَ الإيمان، وأجمعُها للخضوعِ والخشوعِ وخصالِ الخير- مؤدُّون، وعليها مداومون.
وقوله تعالى: {بِهِ} يرجِعُ إلى القرآن، وقال الفرَّاء: إلى النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- (٣).
وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: فإن قيل: إنَّ أهلَ الكتابِ يُؤمنونَ بالبعثِ، ولا يؤمنون بهذا الكتاب، فما معنى هذه الآية؟ والجواب عنه من وجوه:
أحدها: أنَّ هذا في قومٍ مخصوصين منهم، آمَنوا بالبعثِ وآمنوا به.
والثَّاني: {وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ} بالعلم والحُجَج، آمنوا بالقرآن؛ لأنَّ القرآن جاءَ بتأييد حججِ البعث وتأكيدِه، فلا يجوزُ أنْ يُؤمنوا بما يُؤيِّدُه القرآنُ، ولا يُؤمنوا بالقرآن.
والثالث: أنَّه إخبارٌ عن أوائِلهم أنَّهم كانوا آمَنوا بالبعثِ وبالآيات والحجج، فلمَّا جاءَ محمَّدٌ بالقرآنِ آمَنوا به (٤).
(١) ما بين معكوفتين ليس من (ف).
(٢) في (ف): "لمن".
(٣) انظر: "معاني القرآن" للفراء (١/ ٣٤٤).
(٤) لفظ: "به" ليس في (ر)، وموضعه في (ف): "بالبعث وبالآيات والحجج".