وقال عطاء: {وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ} يريد المستهزئين، النضر بن الحارث وأصحابَه، والمقتسمين، قالوا: {لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا} (١).
وقوله تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ} أخبرَ عمَّا يَجري على هؤلاء الظَّالمين المذكورين في أوَّلِ هذه الآية عند مولِهم، فقال: ولو تَرى يا محمَّدُ، إذ هؤلاء المشركون الظَّالمون أنفسَهم وعقولهم في شدائدِ الموتِ وسكراتِه التي تَغمرُ عقولَهم؛ أي: تُزيلُها وتَغلبُ عليها كغمرةِ الماء، ورجلٌ مغامِرٌ؛ أي: مخاطِرٌ بنفسِهِ ملقٍ لها في الغَمَرات.
{وَالْمَلَائِكَةُ} الذين هم قابِضو الأرواحِ مِن ملائكة العذاب، {بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ} بعنفٍ وغِلْظَةٍ، يَقولون لهم: {أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ} القولُ هاهنا مضمَرٌ لدلالة الحال عليه؛ أي: أخرجوا أرواحَكم مِن أبدانِكم.
وقال الحسن رحمه اللَّه: أي: {أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ} مِن هذه الشَّدائدِ لو قدَرتُم، وهذا توبيخ وصيغتُه صيغةُ الأمر، ومعناه التَّقريع، كقوله تعالى: {فَذُوقُوا الْعَذَابَ} الأنعام: ٣٠ (٢).
وقوله تعالى: {الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ}؛ أي: الهوانِ والذُّلِّ، {بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ}؛ أي: بشركِكُم، وكذبِكم على اللَّه، وتَعظُّمِكُم على الانقيادِ للحقِّ.
وجواب {وَلَوْ} محذوف، وتقديرُه في آخره: لرأيتَ أمرًا عظيمًا، ونحو ذلك.
(١) ذكره البغوي في "تفسيره" (٣/ ١٦٩) من قول ابن عباس رضي اللَّه عنهما.
(٢) انظر: "النكت والعيون" للماوردي (٢/ ١٤٥)، و"التفسير البسيط" للواحدي (٨/ ٢٩٠).