وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: أخبرَ أنَّه يَشقُّ النَّواةَ مع شدَّتِها وصلابتِها، ويُخرجُ منه نبتًا أخضرَ ليِّنًا، ما لو اجتمعَ كلُّ الخلائقِ على إخراجِ مثلِه ما قَدَروا عليه، وإنَّ مَن قدَرَ على هذا لقادرٌ على إعادة الخلقِ وبعثِهم بعد موتهم.
وفيه دليلٌ أنَّه فعلُ صانعٍ واحدٍ؛ لأنَّه لو كان فعلَ عددٍ لكان إذا أرادَ هذا شَقَّه منعَهُ الآخرُ.
وفيه دليلٌ على أنَّه على تدبيرٍ خرجَ، لا جُزافًا، حيث اتَّفقَ ذلك كلُّه في كلِّ عامٍ على وجهٍ واحدٍ (١).
وقوله تعالى: {يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ} قال ابنُ عبَّاسٍ رضي اللَّه عنهما: أي: الإنسانِ من النُّطفة (٢).
وقال الحسن: أي: المؤمنِ مِن الكافر (٣).
وقيل: الطائعِ مِن العاصي.
وقيل: الطيرِ من البيضة.
وقيل: أي: السُّنبلة مِن الحبَّة، والشَّجرة من النَّواة.
وقوله تعالى: {وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ}؛ أي: هو مخرجُ الميِّت من الحيِّ؛ النُّطفةِ مِن الإنسان، والبيضةِ مِن الطير، والكافرِ مِن المؤمن، والعاصي من الطَّائع، والحبَّةِ مِن السُّنبلة، والنَّواةِ مِن الشَّجرة.
(١) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٤/ ١٨٠ - ١٨١).
(٢) رواه الطبري في "تفسيره" (٩/ ٤٢٣ - ٤٢٤).
(٣) رواه الطبري في "تفسيره" (عند تفسير الآية ٢٧ من سورة آل عمران) (٥/ ٣١٠).