يَذهبون بالفعلِ الدَّائم إذا أضافوهُ مذهبَ الماضي، يقولون: وحشيٌّ قاتلُ حمزة؛ أي: الذي قتلَ حمزة، فإذا نَسقوا على ما خفضوهُ بظاهرِ لفظة الإضافةِ، نَسقوا عليه بالنَّصبِ؛ لأنَّه عندَهم في تأويلِ منصوبٍ.
ومعنى قوله: {حُسْبَانًا} أنَّهما يَسيرانِ في الفلَكِ بحسابٍ معلومٍ، لا يَختلِفُ على مرورِ الزَّمان (١)، وذلك قولُ الكلبيِّ (٢)، منازلُهما بحسابٍ معلومٍ لا يُجاوزانِه، حتَّى يَنتهيا إلى أقصى منازلِهما، والحُسبان جمعُ حِساب، كالشُّهبان جمعُ شهاب.
وقيل: أي: بحساب ما يَحتاجُ إليه العبادُ في معايشِهم ومعاملاتهم؛ أما الشَّمسُ فللثِّمار والحرثِ والنَّسل، وفي ذلك قِوَامُ العالم، وأمَّا القمرُ فلآجال الدُّيون، ومواقيتِ الأشياء، كما قال في الأهِلَّة: {هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ} البقرة: ١٨٩، وقال: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ} يونس: ٥.
وقوله تعالى: {ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ}؛ أي: هو تقديرُ {الْعَزِيزِ} الذي لا يُغَالَبُ، و {الْعَلِيمِ} بمصالحِ العباد، وما يَعبدون مِن دونه عاجزٌ عن هذا كلِّه، وليس بعزيزٍ ولا عليم، فكيف يُعدَلُ باللَّه.
* * *
(٩٧) - {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ}.
وقوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} قال
(١) في (ف): "الأزمان".
(٢) انظر: "تفسير أبي الليث" (١/ ٥٠٣).