وعنه أيضًا أنه قال: المستقر من مات والمستودع أنتم (١)، وأنشدَ لسليمان بن يزيد العدويِّ:
فُجِعَ الأحِبَّةُ بالأحِبَّة قبلَنا... فالنَّاسُ مَفجوعٌ به ومُفَجَّعُ
مستودعٌ أو مُستَقرٌّ قد خلا... فالمستقرَّ يَزورُه المستودعُ (٢)
وقيل: المستودَعُ: ما دامَ في البطن؛ لأنَّه قليلُ اللُّبثِ، وتَختلفُ به الأحوال، فإذا خرجَ فلهُ مستَقَرٌّ في الأرض، على ظهرِها، ثمَّ في بطنِها ثمَّ في الجنَّة، أو في النار، قال تعالى: {إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا} الفرقان: ٦٦، وقال: {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا} الفرقان: ٢٤.
وقال كُريب عن ابن عباسٍ رضي اللَّه عنهما: المستودعُ: في الصُّلب، وفي الرَّحم، وفي القبر، والمستقَرُّ: يوم القيامة. فجعلَّ كلَّ موضعٍ لا قرارَ فيه مستودَعًا، وجعلَ المستقرَّ في الآخرة، قال تعالى: {وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ} غافر: ٣٩.
وقوله تعالى: {قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ}؛ أي: يَفهمون (٣).
وقال الإمام أبو منصورٍ رحمه اللَّه: الفقهُ: معرفةُ الشَّيء بمعناهُ الدالِّ على نظيرِه، ولهذا لا يقال: اللَّه (٤) فقيهٌ، والعِلمُ ما يُعلم بنفسه، واللَّهُ تعالى عالمٌ بالأشياء بذاتِه، لا بأغيارها ونظائرها (٥).
(١) رواه أبن أبي حاتم في "تفسيره" (٤/ ١٣٥٦، ١٣٥٧) (٧٦٨٩)، (٧٦٩٦).
(٢) البيتان لسليمان بن يزيد في "تفسير الثعلبي" (٤/ ١٧٤)، وليس فيه إنشاد الحسن لهما.
(٣) بعدها في (ف): "الشيء".
(٤) في (أ) و (ر): "للَّه".
(٥) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٤/ ١٨٦).