وقوله تعالى: {وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ}؛ أي: ومِن طلعِ النَّخل، وكرر "من"؛ لأنَّ الأُولى تقدَّمَت موضعَها، فأُعيدَت في موضعِها.
وطلعُها: أوَّلُ ما يطلُعُ من ثمرِها.
والقنوان: جمعُ قِنو، وهو الكِباسَة (١)، وقُنوان بضمِّ القاف لغةٌ.
والدَّانية: المُتدلِّيةُ القرلِبةُ مِن المتناوَل، وهذا عن ابنِ عبَّاسٍ رضي اللَّه عنهما والبراءِ بن عازب وقتادةَ والضَّحَّاك (٢).
وقال الزَّجاج: وفيه حذفٌ، وتقديرُه: مِنها دانيةٌ، ومنها بعيدةٌ، كما في قوله: {سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ} النحل: ٨١ أي: الحرَّ والبرد (٣).
وقال الحسنُ: أي: متدانيةً بعضُها إلى بعض (٤).
وقوله تعالى: {وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ} بكسرِ التاء وهو نصبٌ، وهي قراءةُ العامَّة؛ أي: أخرجنا به نباتَ كلِّ شيءٍ وجناتٍ أيضًا، أو (٥) عطفًا على قوله: {نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ}، وبالرَّفع -وهي روايةُ الأعشى والبرجميّ (٦). . . . .
(١) الكباسة: العذق، وهو من التمر كالعنقود من العنب. انظر: "مختار الصحاح" (مادة: كبس).
(٢) روى أقوالهم الطبري في "تفسيره" (٩/ ٤٤٦ - ٤٤٨).
(٣) انظر: "معاني القرآن" للزجاج (٢/ ٢٧٥).
(٤) ذكره الماتريدي في "تأويلات أهل السنة" (٤/ ١٨٨).
(٥) في (أ): "أي"، وليست في (ف)، والمثبت من (ر)، وهو الصواب.
(٦) هو أبو صالح، عبدُ الحميد بن صالح بن عجلان، البرجميُّ التَّيميُّ الكوفي، مقرئٌ ثقة، أخذ القراءة عرضًا عن أبي بكر بن عياش ثم عن أبي يوسف الأعشى بحضرة أبي بكر، توفي سنة (٢٣٠ هـ). انظر: "غاية النهاية" لابن الجزري (١/ ٣٦٠ - ٣٦١).