أنزِلْها علينا إن كنتَ مِن الصَّادقين، حتَّى نؤمنَ بها، فقال المسلمون: يا رسولَ اللَّه، أنْزِلْها عليهم حتَّى يؤمنوا، فأنزلَ اللَّه هذه الآية (١).
* * *
(١١٠) - {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ}.
وقوله تعالى: {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ}؛ أي: {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ} عن قَبولِ الحق {وَأَبْصَارَهُمْ} عن رؤيةِ الحقِّ عند نزول (٢) الآية التي اقترحوها، فلا يؤمنوا بها، وهذا مضمَرٌ، وليس هذا بإجبارٍ، ولكن جزاءٌ لهم على سوءِ الاختيار، وعقوبةٌ لهم على الإصرارِ.
{كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ}؛ أي: باللَّه، فقد سبقَ ذِكرُه.
وقيل: أي بما (٣) سبق ذكره من الآيات {أَوَّلَ مَرَّةٍ}؛ أي: حين انشقَّ القمرُ، وظهرَت الآياتُ المتقدِّمةُ على هذه الحالة.
وقيل: أي: كما لم يؤمن به المتقدَّمون عندَ رؤية الآية، كقوم صالح عند خروجِ النَّاقة، وقومِ عيسى عند نزول المائدة، ونحو ذلك.
وقيل: أي: كما لم يُؤمن هؤلاء {أَوَّلَ مَرَّةٍ}، وهو عند مجيء النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- ووحي القرآن، وقد أخبرَ اللَّهُ تعالى عنهم أنَّهم {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَهُمْ نَذِيرٌ
(١) انظر: "النكت والعيون" للماوردي (٢/ ١٥٦)، ونسبه ابن الجوزي في "زاد المسير" (٣/ ١٠٣) لأبي صالح عن ابن عباس.
(٢) بعدها في (أ): "هذه".
(٣) في (ف): "إن" بدل من "أي بما".