لَيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ}؛ أي: النَّصارى واليهودِ والمجوس، {فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ مَا زَادَهُمْ إِلَّا نُفُورًا} فاطر: ٤٢.
وقوله تعالى: {وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ}؛ أي: ونتركُهم في تماديهِم يَتحيَّرون، وظهر بآخرِ الآيةِ أنَّ الأوَّل جزاءُ فعلِهم، وفيه إثباتُ الخلق مِن اللَّه تعالى، والفعلِ من العبد، وهو كقوله: {سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ} إلى قوله: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا} الأعراف: ١٤٦.
وقيل: إنَّ قولَه: {كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ} الكافُ للمجازاة كما تقول: فعلتُ بك (١) كما فَعَلتَ بي؛ أي: هذا الخذلانُ جزاءُ تلك المعاندة.
وقيل: {بِهِ}؛ أي بالتقليب؛ أي: بسببِه.
* * *
(١١١) - {وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ}.
وقوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ}؛ أي: إلى هؤلاء المقترحين كلَّ الملائكةِ، فشَهِدوا لك، وإن كانوا سألوا مَلَكًا واحدًا، بقولهم: {لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ} الأنعام: ٨.
وقوله تعالى: {وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى}؛ أي: وأحيينا لهم كلَّ الأمواتِ، فشهِدوا لك، وإنْ كانوا سألوا منك إحياءَ اثنين من موتاهم؛ قصيِّ بنِ كلاب وجدعان بنِ عمرو، وكانا كبيرين فيهم، صدوقين منهم، قالوا: لو أحييتَهما، فشهدا لك بالنُّبوَّةِ لشهدنا نحن أيضًا.
(١) بعدها في (أ): "كذا".