وقوله تعالى: {وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا} قيل: أي: وبَعثنا كلَّ حيوانٍ، مِن الفيلِ إلى البعوض؛ أي: أقمنا القيامة.
وقيل: أي: جمَعنا لهم كلَّ النَّاس (١).
{قُبُلًا} قرأهُ عاصمٌ وحمزةُ والكسائيُّ وابنُ كثير وأبو عمرو بضمِّ القاف والباء، وهو جمعُ القبيل والقبيلة؛ أي: قبائل، وهو قول مجاهد: فوجًا فوجًا (٢)، وقول (٣) يمانُ بن رئاب: جيلًا جيلًا.
وقيل: هو جمعُ القبيل الذي هو الضَّمين، كما قال: {أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا} الإسراء: ٩٢؛ أي: جمَعنا لهم كلَّ الناس ضمناءَ بصحَّةِ أمرِ نبوَّتِك، وبالوفاءِ بوعدِ الثَّواب.
وقيل: هو القُبُل الذي هو ضِدُّ الدُّبُر؛ أي: أتَوْهُم مِن قِبَلِ وجوهِهم، وهو قولُ الفرَّاءِ (٤)، وهذا يكون نصبًا على الظَّرف، والأوَّلُ على الحال.
وقرأ أبو جعفر (٥) ونافعٌ وابنُ عامرٍ: {قِبَلًا} بكسر القافِ وفتح الباء (٦)، ومعناه: أي: عيانًا ومقابلة، ومنه القِبلةُ.
وقيل: أي: {وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ} كلَّ ما غابَ عنهم مِن ثوابِ الآخرة وعقابِها فرأوهُ معاينةً.
(١) في (ف): "إنسان".
(٢) رواه الطبري في "تفسيره" (٩/ ٤٩٦).
(٣) في (ف): "وقال".
(٤) ذكره الفراء في "معاني القرآن" له (١/ ٣٥٠ - ٣٥١) مع أقوال أخرى، واختار أنه بمعنى الكفالة.
(٥) قوله: "أبو جعفر" من (ف)، ووقع فيها تقديم وتأخير عند ذكر القراءات في هذه الآية ومعانيها.
(٦) انظر: "السبعة" (ص: ٢٦٦)، و"التيسير" (ص: ١٠٦)، و"النشر" (٢/ ٢٦٢).