وقوله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ}؛ أي: عند الذبح، {وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ}؛ أي: إنَّ متروكَ التَّسميةِ عند ذبحِه عمدًا حرامٌ، وهو كقوله: {إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا} الأنعام: ١٤٥، وقال في آخر آيةِ تحريم الميتة: {ذَلِكُمْ فِسْقٌ} المائدة: ٣، وسُمِّيَ به؛ لأنَّ متناوِلَهُ فاسقٌ.
وقيل: أي: تناولُه فسقٌ؛ أي: خروج عن الطَّاعة.
وقوله تعالى: {وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ}؛ أي: يُوسوسُ الشَّياطينُ إلى المشركين {لِيُجَادِلُوكُمْ} بقولهم: تأكلون ما أمتُّم، ولا تَأكلون ما أماتَهُ اللَّهُ، وقد ذكرنا أيضًا عن عكرمة: أنَّ الشياطينَ هم المجوس، يُلقِّنون المشركين ذلك في مُحاجَّةِ أهلِ الإسلام.
وقوله تعالى: {وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ}؛ أي: أطعتُم الكفَّار في استحلالِ ما حرَّم اللَّه، {إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ} مثلَهم.
والآيةُ نصٌّ على تحريمِ متروكِ التَّسميةِ عمدًا عند الذَّبْح، وهو حجَّةٌ لنا على الشافعيِّ رحمه اللَّه (١)، وتعلَّقَ بظاهرهِ داودُ بنُ عليٍّ (٢)، وحرَّمَ متروكَ التسميةِ ناسيًا، وعندنا يحلُّ ذلك، وعن ابن عبَّاسٍ وجماعةٍ أنَّ الآيةَ محمولة على تركِها عامدًا.
* * *
(١٢٢) - {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.
وقوله تعالى: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ
(١) انظر: "المبسوط" للسرخسي (١١/ ٢٣٦)، و"روضة الطالبين" للنووي (٣/ ٢٠٥).
(٢) انظر: "المحلى" لابن حزم (٦/ ٨٧).