وقرأ عاصم في روايةِ أبي بكرٍ وحمَّاد (١): {يصَّاعد} مشدَّدًا مع الألف.
والباقون: {يَصَّعَّدُ} (٢) مشدَّدًا بغيرِ ألف، وأصله: يتصعَّد؛ أي: يَتكلَّفُ الصُّعود، فأُدغِمت التَّاءُ في الصَّاد، كما في قوله: {يُذْكَرِ}.
و {يصَّاعد} أصله: يتصاعد، وأُدغمَت التَّاء في الصَّاد.
وقال مقاتل بن سليمان: أي: لا يَقدِرُ على الإيمانِ مَن أضلَّهُ اللَّهُ تعالى عن الهدى، كما لا يَقدِرُ المتكلِّفُ على الصُّعودِ إلى السَّماء (٣).
وهذا الإضلالُ والخُذلان في حقِّ مَن علمَ اللَّهُ منه اختيارَ الضَّلال، والآيةُ دامغةُ المعتزلةِ في إنكارِهم الهدايةَ والإضلالَ مِن اللَّهِ تعالى.
وقوله تعالى: {كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ}؛ أي: العذاب، وقيل: الإثم، وقيل: اللَّعن، قال تعالى: {قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ} الأعراف: ٧١ (٤).
وقال الإمام القشيريُّ رحمه اللَّه: مَن شرح اللَّه صدره للإسلام فآيتُه ألَّا يَتحرَّك في باطنِه عِرْقٌ لمنازعةِ التقدير (٥)؛ لأنَّ الإسلامَ يَقتضي تسليمَ الكُلِّ، ومَن استثقلَ شيئًا مِن التَّكليفِ، أو بقيَ فيه نفسٌ لكراهةِ شيءٍ فهو غيرُ مستسلمٍ لحكمِه.
(١) قوله: "وحماد" من (ف).
(٢) انظر: "السبعة" (ص: ٢٦٨ - ٢٦٩)، و"التيسير" (ص: ١٠٦ - ١٠٧)، و"جامع البيان" للداني (ص: ٥٠٤)، و"النشر" (٢/ ٢٦٢).
(٣) انظر: "تفسير مقاتل" (١/ ٥٨٨).
(٤) بعدها في (ف): "وقوله تعالى: {كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ} قد تقدم الكلام عليه" وما بعد الآية في الهامش، وفوقه حرف: "خـ" يشير إلى أنها نسخة.
(٥) في (أ): "القدير".