وقيل: {نُوَلِّي}؛ أي: نُسَلِّطُ بعضَهم على بعضٍ، فيَلعنُ بعضُهم بعضًا، ويَتبرَّأُ بعضُهم مِن بعضٍ، ويَدعو بعضُهم بزيادةِ العذابِ على بعض، كما قال تعالى: {رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا} الأحزاب: ٦٨.
وقال قتادةُ: أي: يَتبعُ بعضُهم بعضًا في النَّار (١).
وقيل: هو مِن الولايةِ، فقال في حقِّ المؤمنين: {وَهُوَ وَلِيُّهُمْ}، وقال في حقِّ الكافرين: {نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا}؛ أي: نَجعلُ بعضَهم أولياءَ بعض، كما قال في حقِّهم.
ذلك وإذا كان اللَّه وليَّهم، فهو يَنصرُهم ويَحفظُهم، والكفَّار هم أولياء بعض، يَصيرون يومئذٍ أعداء، كما قال: {الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ} الزخرف: ٦٧.
وقيل في قوله: {كَذَلِكَ}: يَقتضي مشبَّهًا ومشبَّهًا به؛ أي: كما يَفعلُ بهم ذلك في الآخرةِ، يَفعلُ بهم في الدُّنيا.
قال مالكُ بنُ دينار: قرأتُ في كتب اللَّه المنزلةِ: أن اللَّه تعالى قال: أُفني أعدائي بأعدائي، ثمَّ أفنيهِم بأوليائي (٢).
وقال النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن اللَّهَ يَنتصِفُ مِن الظَّالم بالظَّالم، ثمَّ يَنتصِفُ مِنهما في القيامة" (٣).
(١) رواه الطبري في "تفسيره" (٩/ ٥٥٨ - ٥٥٩).
(٢) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٤/ ١٩١)، وأخرج نحوه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (٤/ ١٣٨٩) (٧٩٠١).
(٣) لم أقف عليه بهذا اللفظ، وأورده العجلوني في "كشف الخفاء" (١/ ٢٣٩) بلفظ: "إن اللَّه ينتقم من الظالم بالظالم" ثم نقل عن النجم قوله: لا يعرف بهذا اللفظ، لكن روى ابن أبي شيبة وابن أبي =