وقوله تعالى: {وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا}؛ أي: يخوِّفونَكم.
وقوله تعالى: {قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا}؛ أي: أقرَرنا بذلك، كما قال -خبرًا عنه (١) -: {فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا} غافر: ١١، وقال تعالى: {قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ} الملك: ٩.
وقوله تعالى: {وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا} بيَّن أنَّ مخالفتَهم الرُّسلَ إنَّما كانت لأنَّهم اغترُّوا بالحياةِ الدُّنيا، وظنُّوا أنَّها تدومُ لهم، وتوهَّموا أنَّ ما أُعطوه (٢) لِكرامتِهم على اللَّه.
وقوله تعالى: {وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ} بتكذيبِهم، فيقول للمشركين: احذروا أن تكون هذه حالُكم يومَ القيامة.
* * *
(١٣١) - {ذَلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ}.
وقوله تعالى: {ذَلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ}؛ أي: ذلك الإرسالُ إلى الجنِّ والإنس؛ لأجلِ أنَّ ربَّك ليس مِن صفتِه أنْ يُهلِك القُرى بظلمٍ.
قال الكلبيُّ: أي: يُعذِّبَ أهلَها {بِظُلْمٍ}؛ أي: بشركٍ، {وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ}؛ أي: لم يكن ليهلِكَهم مِن قبل أنْ يأتيَهم رسولٌ فينهاهم (٣)، فإنْ رجَعوا، وإلَّا أتاهمُ العذاب.
وقال الإمام أبو منصورٍ رحمه اللَّه: لا يَستأصِلُ اللَّهُ قومًا إلَّا بعد تَقدُّم الوعيدِ؛ لئلَّا يَحتجُّوا فيقولوا: {لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} القصص: ٤٧، وإن لم يكن لهمُ الاحتجاجُ بذلك، لما مكَّن لهم، وركب فيهم ما
(١) قوله: "خبرًا عنه" من (ر).
(٢) في (ف): "أعطوا".
(٣) ذكره ابن الجوزي في "زاد المسير" (٣/ ١٢٦) عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما.