وقال الفرَّاء: ويجوز "شركايُهُم" بالياءِ ورفع الياء، على لغة من قال: عشايٌ، في عشاء (١)، قال الشاعر:
إذا الثُّريَّا طَلعت عشايا... فبعْ لراعي غنمٍ كِسايا (٢)
وقال الإمامُ أبو منصور رحمه اللَّه: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا فَعَلُوهُ}؛ قيل: لو شاءَ اللَّهُ لأهلكَهُم فلم يَفعلوا ذلك.
وقيل: لأعجزَهم ومنعَهم عن ذلك.
وقيل: لأراهُم قبحَ فعلِهم، فلم يفعلوا، ولكن علمَ اللَّهُ مِنهم أنَّهم يَختارون ذلك، وشاءَ لهم ذلك، فذَرهم (٣).
قوله تعالى: {فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ}؛ فإنَّ ضررَ ذلك الافتراءِ عليهم، ليس علينا ولا عليك.
وقال الإمام القشيريُّ رحمَهُ اللَّه: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا فَعَلُوهُ} صرَّح بأنَّ المدارَ على المشيئة، والاعتبارَ لسابق القضيَّة (٤).
* * *
(١٣٨) - {وَقَالُوا هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لَا يَطْعَمُهَا إِلَّا مَنْ نَشَاءُ بِزَعْمِهِمْ وَأَنْعَامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا وَأَنْعَامٌ لَا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا افْتِرَاءً عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِمْ بِمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ}.
(١) انظر: "معاني القرآن" للفراء (١/ ٣٥٧).
(٢) الرجز دون نسبة في "الأضداد" للأصمعي (ص: ٣٠)، وفيه: "عشيَّهْ. . . كُسَيَّهْ".
(٣) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٤/ ٢٦٨).
(٤) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (١/ ٥٠٥).