وذكرَ الإمامُ أبو منصور رحمه اللَّه بعضُ هذه الأقاويل وغيرها، قال: وقيل: أي: لا يَذبحوها للأكل، ولا يَذكرون اسمَ اللَّه عليها وقت الرُّكوب، وهو قوله: {سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا} الآية الزخرف: ١٣؛ لأنَّهم لا يَركبونها، ولكن يُسيِّبونها.
قال: والأقربُ إلى الصَّواب: لا يَنتفِعون بها ليَعرفوا نعمَ اللَّه، ويَشكروا لهُ عليها (١).
وقوله تعالى: {افْتِرَاءً عَلَيْهِ}؛ أي: كذِبًا على اللَّه أنَّه أمرَهُم بذلك.
وقوله تعالى: {سَيَجْزِيهِمْ بِمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ} وهذا وعيدٌ (٢).
* * *
(١٣٩) - {وَقَالُوا مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الْأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا وَإِنْ يَكُنْ مَيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَاءُ سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ}.
وقوله تعالى: {وَقَالُوا مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الْأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِذُكُورِنَا} قراءةُ العامَّة: {خَالِصَةٌ} بالرَّفع والتَّنوين، وليست للتأنيث، بل يقال في الاسم: خالصٌ وخالصةٌ، قال الشاعر:
كنتَ أمينِي وكنتَ خالِصَتي... وليس كلُّ امرئٍ بمؤتَمنِ (٣)
والخالصُ: الذي لا شوبَ فيه.
وقيل: الهاءُ للمبالغة، كما يقال: راويةٌ للشِّعرِ، وعلَّامةٌ، ونسَّابةٌ، ونحو ذلك.
(١) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٤/ ٢٧١).
(٢) في (ف): "وعد ووعيد"، والمثبت هو الصواب.
(٣) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٤/ ١٩٦)، والواحدي في "البسيط" (٨/ ٤٦٥) دون نسبة.