يقول: ما تقدَّم ذكرُه هو (١) طريقي، وهو مستقيمٌ يُفضِي بسالكه إلى الجنَّة.
وقوله تعالى: {فَاتَّبِعُوهُ}؛ أي: اسلكوهُ ولا تَزيغوا عنه.
وقوله تعالى: {وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ}؛ أي: ما سواه من الطُّرقِ الجائرة.
وقال ابنُ عبَّاسٍ رضي اللَّه عنهما: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي} أرادَ به دينَ الإسلام، {مُسْتَقِيمًا}؛ أي: قائمًا، وهو الطريقُ الأعظم، {فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ}؛ أي: اليهوديَّة والنَّصرانيَّة والمجوسيَّة وعبادةَ الأوثان (٢).
وقال مجاهد: {وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ}؛ أي: البدعَ والشُّبهات (٣).
وقوله تعالى: {فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ}؛ أي: تتفرَّق بكم عن هذا السَّبيل المستقيمِ بجعلكم مفارقيه.
وقيل: {فَتَفَرَّقَ بِكُمْ}؛ أي: تُفرِّقُ بعضَكم عن بعضٍ بالاختلاف، ومعنى {عَنْ سَبِيلِهِ}؛ أي: بعد الاجتماع في سبيلِه، كما يقال: كسوتُكَ عن عُرِي، أي: بعد عُرِي.
وروى ابنُ مسعود رضي اللَّه عنه: عن النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: أنَّه خطَّ بأصبعِه خطًّا مستقيمًا، وقال: "هذا صراطُ اللَّه مستقيمًا"، ثمَّ خطَّ خطوطًا يمينًا وشمالًا، ثم قال: "هذه السُّبل مشتركةٌ، وليس مِن هذه السُّبل سبيلٌ إلَّا وعليه شيطانٌ يَدعو إليه"، ثمَّ قرأ هذه الآية (٤).
(١) في (أ) و (ر): "وهو".
(٢) انظر: "التفسير البسيط" للواحدي (٨/ ٥٣٦).
(٣) رواه الطبري في "تفسيره" (٩/ ٦٧٠).
(٤) رواه النسائي في "الكبرى" (١١١٠٩)، والطبري في "تفسيره" (٩/ ٦٧١).