وقوله تعالى: {ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} قال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: ذكَرَ أوَّلًا: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}، ثم قال: {تَذَكَّرُونَ}، ثم قال: {تَتَّقُونَ}؛ لأنَّهم إذا عقَلوا تَفكَّروا فتذكَّروا؛ أي: اتَّعظوا، فاتَّقوا المحارمَ والمهالك (١).
وقال الإمام القشيريُّ رحمه اللَّه: {قُلْ تَعَالَوْا} الآيات؛ هذه أشياءُ عشرةٌ تَضمَّنتها هذه الآيات:
أوَّلُها: الشِّركُ، فإنَّه رأسُ المحرَّمات، والذي لا يُقبَلُ معه شيءٌ مِن الطَّاعات، ويَنقسم ذلك إلى جليٍّ وخفيّ؛ فالجليُّ عبادةُ الأصنام، والخفيُّ ملاحظةُ الأنامِ بعين الإعظام.
والثاني من هذه الخصال: توقيرُ الوالدين، وتركُ العقوقِ بحفظِ ما يَجبُ لهم مِن أكيداتِ الحقوق.
وبعد ذلك: قتلُ الأولادِ خشيةَ الإملاقِ وإراقةُ دمائِهم بغيرِ استحقاق.
ثمَّ ركوبُ الفواحش ما بطنَ منها وما ظهر، وما بدا مِنها وما استَتر، ويدخل في ذلك جميعُ الآثام.
ثمَّ قتلُ النَّفسِ بغيرِ حقٍّ، وذلك إنَّما يكون لفقدِ شفقةِ الخلق.
ثمَّ مجانبةُ مالِ اليتيم، والنَّظرُ إليه بعين التَّكريم.
ثمَّ بذلُ الإنصافِ في المعاملات، والتَّوقِّي عن جميعِ التَّبِعات.
ثمَّ الصِّدق في القول، والعدلُ في الفعل.
ثمَّ متابعةُ السَّبيل بما يُشيرُ إليه لوائحُ الدَّليل.
(١) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٤/ ٣١٨).