فمن قابلَ هذه الأوامرَ بجميل الاعتناق، سَعِدَ في داريه، وحَظيَ بعظائم منزلتيه (١).
* * *
(١٥٤) - {ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ}.
وقوله تعالى: {ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ}؛ أي: ثمَّ اتلُ عليهم هذا.
وقيل: {ثُمَّ} هاهنا لترتيبِ الأخبارِ لا الوجود؛ أي: ثمَّ نخبِرُكم أنَّا آتينا موسى الكتابَ كما آتيناك، وهو ما تتلو عليهم، وقد مرَّت له نظائر.
وقيل: هذا يتَّصلُ بقصَّة الأنبياء: {وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ} الأنعام: ٨٣، وكذا (٢): {ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ} الأنعام: ٨٣.
وقوله تعالى: {تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ} قرأ يحيى بن يعمر: (أحسنُ) برفع النُّون (٣)، وقرأ العامَّةُ بفتحِها، وفي مصحف عبد اللَّه بن مسعود رضي اللَّه عنه: (على الذين أحسنوا) (٤)، و {الَّذِي أَحْسَنَ} في معناه؛ لأنَّه جنسٌ فيَصلُحُ للجمع.
وقيل: {الَّذِي} بمعنى "ما"، وتقديره: على ما أحسنَ، ويكون معناهُ المصدر؛ أي: على إحسانِه وإنعامِه، ثمَّ في معناه خمسةُ أقاويل:
(١) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (١/ ٥١١).
(٢) لفظ: "وكذا" ليس في (ف).
(٣) رواها الطبري في "تفسيره" (٩/ ٦٧٧)، وذكرها ابن جني في "المحتسب" (١/ ٢٣٤)، والمهدوي في "التحصيل" (١/ ٧٠٢).
(٤) انظر القراءة في "معاني القرآن" للفراء (١/ ٣٦٥)، "مختصر في شواذ القرآن" لابن خالويه (ص: ٤٧).