ومعناه: قليلًا ما يتَّعظون بتذكير هذا الكتاب؛ أي: قليلٌ مَن يؤمنُ منكم.
وقيل: أي: يتَّعظون بقليلٍ من القرآن، وهو بأخذ بعض ما ذكر فيه من مكارم الأخلاق دون التَّوحيد والشَّرائع.
وقيل: أي: لا يتذكَّرون به أصلًا، وهو إلطافٌ في الكلام بنفي الشَّيء كلِّه بذكر قليل منه.
وقال الإمام القشيريُّ رحمه اللَّه: {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ}؛ أي: استسلِموا لمطالبات التَّقدير، فقِفوا حيث ما (١) وقفتم، وتحقَّقوا بما عرفتم، وطالعوا ما به كُوشفتم، ولا تلاحظوا غيرًا، ولا تركَنوا إلى علَّةٍ، ولا تظنُّوا أنَّ لكم من دونه وسيلةً (٢).
* * *
(٤) - {وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَائِلُونَ}.
وقوله تعالى {وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا} وهذا من الإنذار والتَّذْكار بما نزل بالماضين من الكفَّار، ومعناه: وكم من أهل قرية، أُضمر الأهلُ فيه، كما في قوله: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} يوسف: ٨٢، ويدلُّ عليه آخرُ هذه الآية: {أَوْ هُمْ قَائِلُونَ}، وهذه (٣) صفة الأهل.
وقوله تعالى: {فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا}: أي: عذابنا المهلِكُ.
وطعن بعضُ الملحدين على هذا، وقالوا: الفاء للتَّعقيب، وكيف يجيء العذاب بعد تمام الإهلاك؟
(١) "ما" ليست في (ف).
(٢) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (١/ ٥١٩).
(٣) في (ف) و (أ): "وهذا".