ومنها: أن النار تتعالى وهو تكبُّرٌ والتراب يتسفَّل، وهو تواضعٌ.
ومنها: أن من صفة النار الطيشَ والخفَّةَ، ومن صفة التراب السُّكونَ والرزانةَ.
وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: إن جُعلت النار لصلاح الأغذية فالطينُ (١) جعل لوجود الأغذية، والصلاح قد يقع بغير النار من الشمس وغيرها، والطينُ يقوم للنار ويطفئها ويتلفها، والنار لا تقوم للطين ولا تُتْلفه (٢).
وقال غيره: الطين مؤتَمَن حافظ، والنار محرِقة غيرُ حافظةٍ، والطين يزيدُ والنار تَنقُص، والطين يُربِّي والنار تُفني.
وقوله تعالى: {قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا}: قال مقاتل: أي: من الجنة (٣).
وقيل: أي: من السماء؛ لأنَّه كان فيها.
وقوله تعالى: {فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا}: والسماءُ مكانُ المتواضِعين.
وقيل: {مِنْهَا}؛ أي: من الأرض إلى جزائر البحور، والأرض مقرُّ بني آدم، والجزائر ليست بموضعِ قرارٍ، قوله: {فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا}؛ أي: في الأرض على بني آدم، بل تكون في الجزائر على خوفٍ وذلٍّ، ولا تدخل في مساكن الإنسِ إلا كالمتلصِّص.
وقوله تعالى: {فَاخْرُجْ}: قال أبو رَوق: أي: مِن صورتك التي أنت فيها (٤).
وقال عطاء: أي: من صورة الملائكة إلى صورة الأبالسة، وكان في صورةٍ
(١) في (ف): "فالتراب".
(٢) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٤/ ٣٦٩).
(٣) انظر: "تفسير مقاتل" (٢/ ٣٠).
(٤) انظر: "تفسير القرطبي" (٩/ ١٦٩).