أشار بذلك إلى أنه سأل الإنظار فأُجيب إليه، فلو سألى التوبة والمغفرة (١) بالتوبة لم يُردَّ.
وقال الإمام القشيري رحمه اللَّه: أجاب دعاءَه في الحال، ولكن كان ذلك شرًّا له، لأنه مكَّنه من مخالفة أمره إلى يوم القيامة، فلم يَزْدَدْ بذلك التمكينِ إلا شقاوةً على شقاوةٍ؛ ليَعلم الكافةُ أنه ليس كلُّ الإجابة للدعوة نعمةً ولطفًا، بل قد تكون بلاءً ومكرًا (٢).
* * *
(١٦) - {قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ}.
وقوله تعالى: {قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي}: أي (٣): بسبب ما أغوَيْتَني.
وقيل: الباء بمعنى اللام؛ أي: لإغوائك إياي.
وقيل: الباء للقسَم؛ أي: أُقسم بإغوائك إياي، كما أَقسم بقوله: {فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} ص: ٨٢.
و {أَغْوَيْتَنِي}: أضلَلْتني.
وقيل: أفسَدْتَني، كما قال: {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى} طه: ١٢١؛ أي: فسد عيشُه.
وقيل: أي: خيَّبتني، قال تعالى: {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى} النجم: ٢؛ أي: فما خاب، وقال الشاعر:
فمَن يَلْقَ خيرًا يَحمَدِ الناسُ أمرَه... ومَن يَغْوِ لا يَعْدَمْ على الغيِّ لائما (٤)
(١) في (ر) و (ف): "فلو سأل المغفرة".
(٢) انظر: "لطائف الإشارات" (١/ ٥٢٢).
(٣) في (ف): "وقيل أي".
(٤) البيت للمرقش الأصغر. انظر: "المفضليات" (ص: ٢٤٧).