أصبح وهو المقدَّم على الجملة فأمسى وهو أبعدُ الزُّمرة، وهذه آثارُ قهر العزة، وأيُّ كبد تسمع هذه القصة ثم لا تتفتَّت بهذه السياسة (١)؟!
* * *
(١٩) - {وَيَاآدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ}.
وقوله تعالى: {وَيَاآدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ}: أي: وقلنا: يا آدم، وقد فسرنا الآية في سورة البقرة.
* * *
(٢٠) - {فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ}.
وقوله تعالى: {فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ}: أي: أورد عليهما الخواطر المزيِّنة لهما أكلَ الشجرة، وأصل الوسوسة: الصوت الخفيُّ، فهي دعاءٌ على خفاءٍ؛ قال رؤبةُ:
وَسْوَسَ يدعو مخلصًا ربَّ الفلق (٢)
وقوله تعالى: {لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا}: الإبداء: الإظهار، والمواراة: الستر، والسوءة: العورة مجازًا؛ لأنَّه يسوءُ صاحبَها ظهورُها؛ أي: قصد بذلك إظهارَ عوراتهما.
وقوله تعالى: {وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ}: قرأ يحيى بن
(١) انظر: "لطائف الإشارات" (١/ ٥٢٣).
(٢) الرجز في "ديوان رؤبة" (ص: ١٠٨)، و"تفسير الطبري" (١٠/ ١٠٦).