(٢٣) - {قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}.
وقوله تعالى: {قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا}: لمَّا قال اللَّه تعالى لآدم وحواء: {أَلَمْ أَنْهَكُمَا} الآيةَ اعتَرفا بالخطيئة وتسارَعا إلى التوبة، وقالا: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا}: نَقَصْناها ثوابَ الطاعة وعرَّضناها للعقوبة.
وقوله تعالى: {وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا}: أي: وإن لم تَستُر علينا ذنبنا ولم ترحمنا بقبول توبتنا.
وقوله تعالى: {لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}: أي: الهالكين الذين باعوا حظَّهم من الآخرة بقضاءِ شهوةِ ساعة.
قال الحسن هي الكلماتُ التي تلقَّاها من ربِّه (١). وقد بينَّا اختلافَ الأحاديث فيه (٢)، وبيَّن في تلك السورة قبولَ توبتهما.
وفي الحديث: أن آدم عليه السلام مشى حتى قام على الصَّفا، وحواء رضي اللَّه عنها جاءت من الجُدَّة وقامت على المروة، وجَعَلا يدعوان ويبكيان مئةَ سنة -وفي رواية: مئتي سنة، وفي رواية: ثلاث مئة سنة- حتى قُبلت توبتُهما يوم الجمعة، وقال آدم: يا رب، مَن جاءك من ولدي يرجو رحمتك ويخاف عذابك فأَجِرْه من عذابك، قال: لك ذلك (٣).
وفي الآية نقضُ قول المعتزلة: إنَّ الصغائر تقع مغفورةً ولا يجوز العقاب عليها، وآدمُ عليه السلام يقول: {وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}.
(١) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٤/ ٣٨٥)، ورواه الطبري في "تفسيره" (١٠/ ١١٦) عن الضحاك.
(٢) أي: في تلك الكلمات، وقد تقدم ذلك عند تفسير قوله تعالى: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ} البقرة: ٣٧.
(٣) لم أجده.