دفع ذلك بقوله: {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ} الأعراف: ٢٠٠ وقولهِ: {وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ (٩٧) وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ} المؤمنون: ٩٧ - ٩٨ (١).
وقال ذو النون المصريُّ: وإن كان هو يراك من حيث لا تراه فإن اللَّه يراه من حيث لا يرى اللَّهَ، فاستعن باللَّه عليه {إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا} النساء: ٧٦ (٢).
وقوله تعالى: {إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ}: أي: خذَلْنا الكفار فاتَّخذوا الشياطين أولياء يطيعونهم ويتَّبعونهم ويجعلونهم بمنزلةِ مَن يتولَّى مصالحهم، وفيه إثبات خَلْق أفعال العباد.
* * *
(٢٨) - {وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ}.
وقوله تعالى: {وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً}: قال الزَّجَّاج: الفاحشة: ما عظُم قُبْحُه (٣).
وقال الحسن: هم عبدة الأوثان، والفاحشة: الشرك (٤).
وقوله تعالى: {قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا}: وقال الحسن: قالوا: لو كَره اللَّه ما نحن فيه لنَقَلنا عنه، فهو أمرٌ منه لنا به (٥).
(١) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٤/ ٣٩٧)، وفي كلامه بعض اختلاف مع زيادة.
(٢) انظر: "تفسير القرطبي" (٩/ ١٨٩ - ١٩٠)، وذكره الزمخشري في "الكشاف" (٢/ ٩٩) هكذا: كانوا يقولون: لو كره اللَّه منا ما نفعله لنقلنا عنه، وعن الحسن: إن اللَّه تعالى بعث محمدًا -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى العرب وهم قدرية مجبرة يحملون ذنوبهم على اللَّه، وتصديقه قول اللَّه تعالى: {وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ}.
(٣) انظر: "معاني القرآن" للزجاج (٢/ ٣٣٠).
(٤) انظر: "النكت والعيون" للماوردي (٢/ ٢١٦).
(٥) انظر: "تفسير الثعلبي" (٤/ ٢٢٧).