وقيل: توهَّموا أن آباءهم كانوا عليه بأمرِ اللَّه تعالى.
وقال ابن عبَّاس رضي اللَّه عنهما ومجاهد وسعيد بن جبير والشعبي والسُّدِّي: {وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً} هي إبداء السوءات في الطواف (١).
قال الشاعر منهم -وقيل: هو من قول امرأةٍ منهم-:
اليومَ يبدو بعضُه أو كلُّه... وما بدا منه فلا أُحِلُّه (٢)
وقال الكلبيُّ: {وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً}: هي (٣) تحريمُ البَحيرة والسائبة والوَصيلة والحامي، قالوا: هو دين آبائنا وأجدادنا نتَّبعها واللَّهُ أمرنا بها.
وقوله تعالى: {قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ}: هي الفاحشة (٤)، وهي الفعلة التي ثبت قبحُها من كلِّ وجهٍ عقلًا وسمعًا، ودلَّ على ثبوت قبح الأشياء قبل ورود السمع، ولو كان القبح لا يثبت قبل ورودِ السمع لكان ما يُؤمر به لا يكون قبحًا، فلا معنى لقوله: {قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ} ولو أَمر به لم يكن فاحشةً.
وقوله تعالى: {أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ}: أي: أتدَّعون أن اللَّه أمَر بها، وأمرُ اللَّه تعالى يُعرف ببيان رسله أو الذِّكرِ في كتابه، وأنتم لا تُقرُّون برسولٍ ولا كتاب، فكان هذا دعوَى بجهلٍ، وهذا استفهامٌ بمعنى التوبيخ.
وقال القشيريُّ رحمه اللَّه: استَرْوَحوا في التعلُّل إلى سلوكِهم نهجَ أسلافهم،
(١) رواه عنهم الطبري في "تفسيره" (١٠/ ١٣٧ - ١٣٨).
(٢) انظر: "معاني القرآن" للفراء (١/ ٣٧٧)، و"تفسير الطبري" (١٠/ ١٣٧)، "معاني القرآن" للزجاج (٢/ ٣٣٢)، قال السهيلي: ويُذْكَرُ أنَّ المرأةَ ضُبَاعةُ بنتُ عامرٍ مِن بني عامرِ بنِ صَعْصَعةَ، ثم من بني سَلِمةَ بنِ قُشَيْرٍ. انظر: "الروض الأنف" (٢/ ٢٩١).
(٣) في (ف) و (أ): "هو".
(٤) في (أ): "كالفاحشة".