وقال الربيع بن أنس: كما بدأكم عُريًا تعودون إليه عُريًا، قال اللَّه تعالى: {وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ} الأنعام: ٩٤ (١).
وقال الحسن: كما بدأكم أحياءً تعودون أحياءً بالبعث (٢).
وقيل: {فَرِيقًا. . . وَفَرِيقًا} نُصبا بقوله: {بَدَأَكُمْ}.
وقيل: تم الكلام بقوله: {تَعُودُونَ} ثم قال: {فَرِيقًا هَدَى} فنصَبه بـ {هَدَى}، وقوله تعالى: {وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ} نُصب بتقديرِ فعلٍ متأخِّر عنه وهو: أَضَلَّ، فإنَّ قوله: {حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ} معناه: أضلَّهم، وهو كقوله: {يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ} الشورى: ٨ {مَنْ} نُصب بـ {يُدْخِلُ}، ثم قال: {وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} الإنسان: ٣١ نصَبه لتقدير أحد الفعلين؛ إما: يدخل الظالمين في عذابه، أو: يعذِّبُ الظالمين عذابًا أليمًا، وإنما حُمل على الفعل المقدَّر دون الظاهر تصحيحًا للمقابَلة، وهي من أقسام البلاغة.
وقوله تعالى: {إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ}: يطيعونهم ويتولَّونهم.
وقوله تعالى: {وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ}: قال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: أي: هم عند أنفسهم مهتدون، وليسوا كذلك وذُمُّوا بذلك، فدلَّ أن الحجة والدليلَ يلزم وإنْ لم يُعْرف بعدُ أن يكون العبد بسبيلٍ من الوصول إلى ذلك (٣)، وهذا يردُّ قولَ مَن يقول: إن فرائض اللَّه تعالى لا تلزمُ العبدَ إلا بعد العلم بها (٤).
= ولم يكونوا شيئًا، ثم ذهبوا ثم يُعيدُهم).
(١) انظر: "تفسير الثعلبي" (٤/ ٢٢٨)، ورواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (٥/ ١٤٦٣) بلفظ: (كما خَلَقناكم كذلك تَعودون، تَخرجون من بطون أمهاتكم).
(٢) رواه الطبري في "تفسيره" (١٠/ ١٤٥).
(٣) في "التأويلات": (وإن لم يُعرف بعد أن كيف يكون سبيل الوصول إلى ذلك).
(٤) انظر: "تأويلات أهل السنة" (٤/ ٤٠٤).