وقال في قوله: {وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ}؛ أي: اجعلوا عبادتكم للَّه ولا تشركوا به شيئًا.
وقيل: أي: أقيموا دِينكم للَّه، ومنه قوله: {وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ} لقمان: ٢٢؛ أي: يخلِصْ دِينه.
ويجوز أن يكون الوجه عبارةً عن النفس، ومعناه: أقيموا أنفسَكم للَّه، وقيل على هذا في قوله: {وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ}؛ أي: ومَن يجعلْ نفسَه سالمًا للَّه (١).
والآية حجة على المعتزلة في مسألة الهداية والإضلال.
وقال الإمام القشيري رحمه اللَّه: {وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} إشارةٌ منه إلى استدامة شهوده في كلِّ حالة، وأنْ لا ينساه لحظةً في كلِّ ما يأتيه ويَذَرُه ويقدِّمه ويؤخِّره.
وقال في قوله: {كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ}: مَن كانت قِسمتُه منه سبحانه وتعالى له بالسعادةَ (٢) كانت فطرتُه على السعادة، ومن كانت فطرتُه على السعادة كانت حالتُه بنعت السعادة، ومن كانت حالته بنعت السعادة كانت عاقبته إلى السعادة. ومَن كانت قسمتُه بالضدِّ فالحالةُ (٣) بالضد.
وقال: جملةُ العلم بالقضاء والقَدر: أن (٤) يتحقَّق أنه عَلِم ما يكون أنه كيف يكون، وكما عَلِم الحادثات أن تكون أراد به (٥) أن تكون كما عَلِم بأنْ تكون (٦)، وما
(١) انظر: "تأويلات أهل السنة" (٤/ ٤٠٢).
(٢) في (ف): "من كانت قسمته على السعادة".
(٣) في (أ): "كانت حالته".
(٤) في (ر): "أنه".
(٥) في (ف): "أراد بها" وفي (أ): "وأراد به".
(٦) في (أ): "أن تكون"، وليست هذه العبارة في (ف).