عَلِم أنه لا يكون مما جاز أن يكون أراد أن لا يكون، وكما أراد أن يكون أو لا يكون أخبر أنه يكون أو لا يكون، وعلى الوجه الَّذي أخبر قضى على العبد وقدَّر (١).
* * *
(٣١) - {يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}.
وقوله تعالى: {يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ}: أي: لباسَكم، في المساجد كلِّها مع المسجد الحرام، وكانوا يتعرَّون عنده في الطواف، فنُهوا عن ذلك وأُمروا بأخذ اللباس للصلاة في المواضع كلِّها.
وقوله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا}: أي: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا} ما أَحلَّ اللَّه {وَلَا تُسْرِفُوا}: ولا (٢) تجاوزوا حدَّ الشرع بتحريمِ ما أَحلَّ اللَّه من البَحيرة والسائبة ونحوِ ذلك.
وقال طاوسٌ: لم يأمرهم بالحرير والديباج، ولكن كان أهل الجاهلية يطوف أحدهم بالبيت عُريانًا ويَدَع ثيابه وراء المسجد، فإن طاف وهي عليه (٣) ضُرب وانتُزعت منه، فنزلت الآية (٤).
وقال الكلبيُّ: إن بني عامر من أهل الجاهلية كانوا يطوفون بالبيت عراةً؛ الرجالُ بالنهار والنساءُ بالليل (٥)، وكانوا إذا قدِموا مسجدَ منى طرح أحدهم ثيابه في رَحْله،
(١) انظر: "لطائف الإشارات" (١/ ٥٢٩ - ٥٣٠)
(٢) في (ر) و (ف): "أي لا".
(٣) في (ف): "وهو لابس".
(٤) انظر: "الوسيط" للواحدي (٢/ ٣٦٣).
(٥) في النسخ: "الرجال والنساء بالنهار"، والمثبت من المصادر. انظر: "تفسير الطبري" (١٠/ ١٥٠) =