مَسْجِدٍ}؛ أي: صلُّوا في كلِّ مسجدٍ ولا تخصُّوا بالصلاة مسجدَ حيِّكم، والزينةُ نفسُ الصلاة، فإن العبادة زينةُ كلِّ عابدٍ (١).
وقال الإمام القشيريُّ رحمه اللَّه: زينة العبدِ بحضور الحضرة، ولزومِ السُّدَّة، واستدامةِ شهود الحقيقة.
قال: ويقال: زينةُ نفوس العابدين آثارُ السجود، وزينة قلوب العارفين أنوارُ الوجود، فالعابد على الباب بنعتِ العبودية، والعارف على البساط بحُكم الحُرمة (٢).
* * *
(٣٢) - {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ}.
وقوله تعالى: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ}: استفهام بمعنى الجحدِ، ثم أمَر رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يوبِّخهم على الإسراف الذي نهَى عنه في الآية الأولى، وهو تحريم ما أحَلَّ اللَّه من الطعام واللباس، والزينةُ بمعنى: المزيَّن، كالشهوة تذكر ويراد بها المشتهى.
و {زِينَةَ اللَّهِ}: ما جعله زينةً لعباده وإباحهُ في شرعه.
و {أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ}؛ أي: أَوجَد، وقيل: أَظهر.
وقيل: هو على حقيقته؛ لأنَّه كان في السماء أو في الأرض فأخرجه منهما لهم.
وجواب هذا السؤال متروكٌ؛ لأنَّه لا جواب لهم يصحُّ؛ لأنَّهم إن أضافوا التحريم إلى آبائهم، فليس إليهم ذلك، وإن أضافوه إلى اللَّه فلا دليلَ لهم عليه؛ إذ لا تحريم من اللَّه في كتابٍ ولا على لسانِ رسولٍ.
(١) انظر: "تأويلات أهل السنة" (٤/ ٤٠٤ - ٤٠٥).
(٢) انظر: "لطائف الإشارات" (١/ ٥٣٠)، وفيه: (بحكم الحرية).