وقوله تعالى: {قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}: {هِيَ} ترجع إلى الزينة والطيبات جميعًا لأنها للجمع؛ أي: هي للمؤمنين على الأصالة، وللكفار بطريق التبَعيَّة، كما قال: {وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا} البقرة: ١٢٦، ثم هي في الجنة على الخلوص للمؤمنين لا يَشْركهم فيها غيرُهم وذلك قوله تعالى:
{خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ} قرأ نافع: {خالصةٌ} بالرفع بـ {هِيَ}، وقرأ الباقون بالنصب على الحال (١).
وقيل: {فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} صلةُ قوله: {لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}؛ أي: المؤمنون في الدنيا لهم الطيباتُ على الخلوص في العُقبى، يقول للمشركين: استَبيحوا ما أخرجتُ لكم من ذلك في الدنيا واشكروا لي على النعم ولا تحرِّموها، فإنْ خالفتم أمري استباحها المؤمنون في الدنيا ثم يَخْلص ذلك لهم في العُقبى ولا شركة لكم معهم فيها.
وقوله تعالى: {كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ}: أي: كما نبيِّن لكم هذه الأحكامَ في الحلال والحرام (٢)، نبين لكم جميعَ ما بكم حاجةٌ إليه من شرائع الإسلام.
وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: قال ابن كيسانَ (٣): {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ} هي اللباس، كما مر في قوله تعالى: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ}.
وقال الحسن: هي المراكب، كما في قوله: {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً} النحل: ٨ {وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ}: ألبانُها ولحومُها، وكانوا يحرِّمون ركوبها وأكلَها والشربَ من لبنها (٤).
(١) انظر: "السبعة" (ص: ٢٨٠)، و"التيسير" (ص: ١٠٩).
(٢) "في الحلال والحرام" ليس في (أ).
(٣) كذا قال، والذي في "التأويلات": (أبو بكر الأصم).
(٤) في (ف) و (أ): "والشرب منها".