(٣٤) - {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ}.
وقوله تعالى: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ}: أي: ولكلِّ أمةٍ مكذِّبةٍ للرسل مشرِكةٍ باللَّه مدةٌ معلومة عند اللَّه (١) يوقِع بها العقوبة عندها.
وقوله تعالى: {فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ}: أي: لا يتأخرون ولا يتقدمون، فكذلك أهلُ عصرك يا محمدُ.
ودلَّت الآية أنَّ الأجَل واحدٌ.
وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: وقيل: أجلُهم أن يبعث إليهم رسول فيكذبوه معاندِين، فيَهْلكون عند ذلك ويعذَّبون، قال تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} الإسراء: ١٥ (٢).
وقال الإمام القشيري رحمه اللَّه: لكل أمةٍ (٣) مدةٌ، فإذا تناهَت تلك المدةُ زالت تلك الحالة راحةً كانت أو شدةً، وإذا سقط قرصُ الشمس زال سلطانُ النهار، فلا يزداد بعده إلا تراكمُ الظُّلمة، وإذا ارتحل عسكرُ الظلام لطلوع الشمس، فبعد ذلك لم يبق لتعالي النهار تهمة (٤).
* * *
(٣٥) - {يَابَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}.
(١) في (ف): "عنده".
(٢) انظر: "تأويلات أهل السنة" (٤/ ٤١٢).
(٣) في (ف) و (أ): "قوم".
(٤) انظر: "لطائف الإشارات" (١/ ٥٣٢)، وما بين معكوفتين منه.