وقوله تعالى: {يَابَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي}: (إمَّا) كلمتان: (إنْ ما) (١)، (إنْ) للشرط و (ما) للتأكيد، والنون في آخره تأكيدُ الشرط على وجه القسم.
قيل: هذا معنى قوله لآدم ومَن معه: {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} البقرة: ٣٨؛ لأن خطابه يومئذٍ كان خطابًا لآدم وذريتِه، ولذلك جمعهم في الذكر.
وقيل: هذا كان خطابًا لهم حين أَخْذ الميثاق.
وقال مقاتل: {يَابَنِي آدَمَ} هذا خطاب لمشركي العرب {إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ} يعني محمدًا وحده، وسماه باسم الرسل تشريفًا له، وقوله: {يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي}؛ أي: يتلون عليكم القرآن (٢).
وعلى القولين الأوَّلين قوله: {إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي} معناه: وإن يأتكم ومتى يأتكم أنبياءُ من جنسكم ومن عشيرتكم -وهو أدعى إلى الألفة (٣)، وأبلغ في الثقة- وهم يحدِّثونكم بآياتي التي أوحيتُ إليهم.
وقوله تعالى: {فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ}: أي: اتَّقى الشركَ والمعاصيَ وأصلحَ العمل في الإسلام.
وقيل: أصلح ما كان أفسده قبلَ ذلك؛ أي: جاء بها على ما يَصلح في الدين دون ما لا يَصلح؛ أي استَبدل النِّكاحَ بالسِّفاح، وأكلَ الحلال بأكلِ الحرام، والعقود الصحيحة بالفاسدة، والصلاةَ بأركانها وآدابها دون الصلاةِ بالمكَاء والتَّصْديَة ونحوِ ذلك.
(١) "إن ما" ليس في (أ) و (ف).
(٢) انظر: "تفسير مقاتل" (٢/ ٣٥).
(٣) في (ف): "وهو إلى الألفة أقرب".