وقوله تعالى: {فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ}؛ أي: من الوقوع في العقوبات (١) {وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} بفواتِ الثواب، وهذا لا يبطل مخافات القيامة (٢) لأن المراد به العاقبة وهو كقول الطبيب يقول (٣) للمريض: لا بأس عليك ولا خوفَ، وإن كان في وجعٍ وضعف.
* * *
(٣٦) - {وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}.
وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا}: خلافَ مَن اتَّقى وأصلح {وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا}: أي: تعاظَموا عن قبولها {أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} وهذا وعيدُ المخالفين، والأول وعدُ الموافقين، و (لا خوفٌ عليهم) ذُكر على الجمع -مع أن الشرط في الواحد- لأن معناه الجمع.
* * *
(٣٧) - {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ أُولَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتَابِ حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ قَالُوا أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ}.
وقوله تعالى: {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا}: ثم أخبر عن هؤلاء الذين يخلَّدون (٤) في النار أنهم هم الذين أَوردوا أنفسهم النار بظُلمهم.
وقوله: {فَمَنْ أَظْلَمُ} استفهام بمعنى النفي؛ أي: لا أظلمُ ممن افترى -أي: اختَلق- على اللَّه كذبًا.
(١) في (ف): "العقاب".
(٢) في (ف): "المخالفات" بدل: "مخافات القيامة".
(٣) "يقول" من (أ).
(٤) في (أ) و (ر): "خلِّدوا".