وقرأ ابن عبَّاس رضي اللَّه عنهما: (الجُمَّلُ) بضم الجيم وتشديد الميم (١)، وهو حبلُ السفينة، وهو كبيرٌ غليظ.
وقيل: هو الحبلُ الذي يُصعَد به النخلُ.
وقوله تعالى: {وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ} قال ابن عبَّاس رضي اللَّه عنهما: أي: وهكذا نُعاقِبُ المشركين.
* * *
(٤١) - {لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ}.
وقوله تعالى: {لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ} قال الحسن: {مِهَادٌ}: فِراشٌ، و {غَوَاشٍ}: ظُلَلٌ (٢)، جمعُ غاشيَةٍ وهي المغطِّيَةُ، وهو كقوله تعالى: {لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ} الزمر: ١٦ وقولهِ: {يَوْمَ يَغْشَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ} العنكبوت: ٥٥.
وقوله تعالى: {وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ}: أي: الظالمين أنفسَهم بالشرك باللَّه ووضعِهم الشيءَ غيرَ موضعه.
وقال الإمام القشيريُّ رحمه اللَّه: كما أحاطت بهم الذنوب في الدنيا فتدَنَّس بالزَّلة ظاهرُهم وبالغفلة باطنُهم، كذلك أحاطت العقوبات غدًا بجوانبهم، فمِن فوقهم عذابٌ ومن تحتِهم عذابٌ، وفي قلوبهم استيلاءُ الوحشة وغلبةُ الدهشة (٣).
(١) انظر: "المختصر في شواذ القراءات" (ص: ٤٨) عن علي وابن عباس، ورواها الطبري في "تفسيره" (١٠/ ١٩٢) من طريق مجاهد عن ابن عباس، وزاد: (وقال: هو حبل السفينة)، وزاد في رواية عكرمة عنه: (قال: الحبل الغليظ). ونسبها أبو حيان في "البحر" (١٠/ ٩٠) لجمع منهم ابن عباس ومجاهد وأبو مجلز وابن يعمر والشعبي وغيرهم.
(٢) ذكره الماوردي في "النكت والعيون" (٢/ ٢٢٣).
(٣) انظر: "لطائف الإشارات" (١/ ٥٣٤).