وقرأ الباقون: بفتحها، وهي لغةُ أهل الحجاز وعامةِ العرب.
ومعنى الآية: أن أهل الجنة ينادُون يومئذ أهلَ النار -لأنهم مشرِفون عليهم، فإن الجنة عالية وجهنمَ متسفِّلة- فيقولون لهم: إنَّا وجدنا ما وَعدنا اللَّه من الثواب حقًّا، فهل وجدتُم ما وَعد ربكم (١) من العقاب حقًا؟ قالوا: نعم.
وإنما يكون هذا تشفِّيًا لقلوب المؤمنين وزيادةَ تعذيب للكافرين، فإنهم كانوا يؤذونهم ويعيِّرونهم كما قال اللَّه تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ} المطففين: ٢٩ إلى قوله: {فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ} المطففين: ٣٤.
وقوله تعالى: {فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ}: أي: نادى منادٍ، وهو ملك أو مَن شاء اللَّه:
{أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ}: قرأ ابن عامر وحمزةُ والكسائي وابن كثير بتشديد النون، والباقون بالتخفيف (٢).
قال أبو حاتم: التخفيفُ أولى؛ ليكون موافقًا لقوله: {أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ} {أَنْ قَدْ وَجَدْنَا} {أَنْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ} {أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ}.
وقال الأخفش: التشديد أولى؛ لأنها يليها الاسم.
{أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ}؛ أي: حصَلت على الكافرين دون المؤمنين، وهو إخبارٌ.
وقيل: هو ابتداءُ لعنٍ منهم لهم (٣).
= زيد وغيرهم، له مصنفات كثيرة منها كتاب في القراءات، توفّي سنة خمسين -أَو خمس وخمسين، أو أربع وخمسين، أو ثمان وأربعين- ومئتين، وقد قارب التسعين. انظر: "بغية الوعاة" (١/ ٦٠٦). قلت: ولعل كثيرًا مما ينقله الناس عن أبي حاتم هو من كتابه في القراءات، لكنهم لا يعيّنونه.
(١) "ربكم" ليس في (أ) و (ف).
(٢) انظر: "السبعة" (ص: ٢٨١)، و"التيسير" (ص: ١١٠). وقراءة ابن كثير هذه هي من رواية البزي عنه.
(٣) بعدها في (ر): "من اللَّه".