(٤٥) - {الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُمْ بِالْآخِرَةِ كَافِرُونَ}.
وقوله تعالى: {الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ}: أي: يمنعون عن دِين اللَّه بالنهي وإدخال الشُّبَه.
وقوله تعالى: {وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا}: أي: يطلبون لها (١) تغييرًا وإمالةً إلى الباطل.
وقوله تعالى: {وَهُمْ بِالْآخِرَةِ كَافِرُونَ}: أي: كانوا بها جاحدِين.
كلُّه نعتُ الظالمين الذين عليهم اللَّعنةُ.
وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: فإن قالوا: ذكَر نداءَ أهلِ الجنة أهلَ النار، ونداءَ أهلِ النار أهلَ الجنة، ونداءُ بعضهم بعضًا لا يكون إلا بحيث يكون بعضهم قريبًا من بعض، وقد جاء في وصف الجنة أن أقلَّ ما يكون لواحدٍ من أهل الجنة مثلُ عَرْض الدنيا، وجاء أن الحور العين لو نظرت واحدةٌ منهنَّ إلى (٢) الدنيا نظرةً لامتلأت الدنيا من ضوئها وعِطرها، وجاء في وصف النار أن شرارةً لو وقعت في الدنيا لأحرقتْها، فإذا كان (٣) بعضُهم مِن بعضٍ بحيث يَسمع من بعض (٤)، ألَا يتأذَّى أهل الجنة بأهل النار (٥)، ولا يتنعمُ أهلُ النار بنعيم أهل الجنة؟
قلنا: إن اللَّه قادر على أن يُوقع نداء هؤلاء بمسامعِ هؤلاء مع بُعْدِ ما بينَهما، ويُسمعَ كلَّ فريق نداءَ الفريق الآخر، أو يكونُ اللَّه جعَلَ بِنْية هذا الخَلْق غيرَ هذه البِنية
(١) "لها" ليس في (ف).
(٢) بعدها في (ف): "أهل".
(٣) بعدها في (ف): "نداء".
(٤) في "التأويلات": (فإذا كان بعضهم من بعض بحيث يسمعون بعضهم نداء بعض).
(٥) في (أ): "بالنار"، بدل: "بأهل النار".