في البداية، وقال تعالى: {أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ} الحجرات: ١٧ وهذا في الحال، وقال تعالى: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ} وهذا في النهاية.
وقال الإمامُ أبو منصورٍ رحمه اللَّه: وعلى قول المعتزلة ليس للَّه تعالى على أحدٍ من المؤمنين نعمة ليست على المغضوب عليهم ولا الضالين؛ إذ لا نعمةَ من اللَّه تعالى على أحدٍ إلا الأصلحُ (١) في الدِّين والبيانُ للسبيل المَرْضيِّ، وتلك قد (٢) كانت على جميعِ الكفرة، فبَطَل على قولهم الثُّنيا (٣)، وباللَّه العصمةُ (٤).
وقوله تعالى: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ}: فكلمةُ (غير) تجيءُ على ثلاثة أوجهٍ:
بمعنى: المُغايِر، وفارسيّته: (جرْ)، قال تعالى: {لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ} الإسراء: ٧٣.
وبمعنى: (لا)، وفارسيَّته: (ني)، قال اللَّه تعالى: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ} البقرة: ١٧٣؛ أي: لا باغيًا ولا عاديًا.
وبمعنى: (إلا)، وفارسيته: (مكر)، قال تعالى: {فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ} الذاريات: ٣٦؛ أي: إلا (٥).
ويجوزُ صرفُها هاهنا إلى هذه الوجوه:
فإنْ حُمِلتْ على الأول فمعناها: ثبِّتْنا على طريقِ (٦) الذين أَتممْتَ النعمة عليهم، المغايرين للمغضوبِ عليهم.
(١) في (ر): "الإصلاح"، وفي (ف): "للأصلح"، والمثبت من (أ)، وهو الموافق لما في "التأويلات".
(٢) في (ر): "وتلك نعمة"، والمثبت من (أ) و (ف)، وهو الموافق لما في "التأويلات".
(٣) في (ر): "الثناء"، وفي (ف): "التثنا"، والمثبت من (أ)، وهو الموافق لما في "التأويلات".
(٤) انظر: "تأويلات أهل السنة" (١/ ٥١). وفيه: (واللَّه الموافق) بدل: "وباللَّه العصمة".
(٥) "أي: إلا": سقط من (أ) و (ف).
(٦) بعدها في (ر): "صراط".