(٦٢) - {أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ}.
وقوله تعالى: {أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ}: قرأ أبو عمرو: {أُبَلِّغُكُمْ} مخفَّفًا (١)، من قوله: {لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي} الأعراف: ٧٩، وقولهِ: {لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ} الجن: ٢٨.
وقرأ الباقون: مشدَّدًا، من قوله: {بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} المائدة: ٦٧.
والرسالة: جملةٌ من البيان يحملُها القائم ليؤدِّيها إلى غيره.
وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: لم يبيِّن فيما إذا (٢) كانت الرسالة في كتابٍ أَنزله إليه، أو وحيٍ في غيرِ كتابٍ أُوحي إليه (٣) وليس بنا إلى معرفة ذلك حاجةٌ سوى تصديقِه فيما بلَّغ إليهم (٤).
ومعنى جمعِ الرسالات: هو تفصيل ذلك في الزمان المديد.
وقوله تعالى: {وَأَنْصَحُ لَكُمْ} قال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: النصيحة هي الدعاء إلى ما فيه الصلاح، والنهيُ عما فيه الفساد، ومنه قولُ النَّبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ألَا إنَّ الدِّينَ النَّصيحةُ" (٥)، والنصحُ كذلك، وخلافُه الغِشُّ.
قوله تعالى: {وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ}: قيل: من نزول العذاب بكم إذا دُمتم على ما أنتم عليه.
(١) انظر: "السبعة" (ص: ٢٨٤)، و"التيسير" (ص: ١١١)، وهي قراءته هنا في الموضعين، وفي الآية (٢٣) من سورة الأحقاف.
(٢) "إذا" ليس في (ف).
(٣) في (ف): "أو يوحى إليه في غير كتاب"، وعبارة "التأويلات": (أو بوحي في غير كتاب يوحى إليه).
(٤) انظر: "تأويلات أهل السنة" (٤/ ٤٧٠).
(٥) انظر: "تأويلات أهل السنة" (٤/ ٤٧٠). والحديث رواه مسلم (٥٥) عن تميم الداري رضي اللَّه عنه.