وكان من خيرِ قومه، وكان أهل مدين أهلَ شركٍ وبَخْسٍ في مكايلهم وموازينهم (١).
وقال السُّدِّي وعكرمةُ: ما بَعث اللَّه نبيًّا مرتين إلا شعيبًا، بعثه إلى مدين مرةً فأخذهم اللَّه تعالى بالصيحة، ومرة أخرى إلى أصحاب الأيكة فأخذهم اللَّه تعالى بعذابِ يوم الظُّلَّة (٢).
وقال إسحاقُ وجويبرٌ وجماعةٌ: هما واحدٌ (٣).
ولما دعاهم إلى التوحيد وتركِ الظلم كذَّبوه وردُّوا نصيحته، وقالوا: {يَاشُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ} الآية، وكان أكثرَ الأنبياء صلاةً {أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا} من الأصنام {أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ} من الإيفاء وترك البَخْس {إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ} هود: ٨٧؛ أي: الأحمقُ السفيه.
قال الضَّحَّاك: كانوا إذا دخل عليهم الغريبُ يأخذون دراهمه ويقولون: دراهمك هذه زُيوفٌ، فيقطعونها ثم يشترونها منه بالبَخس؛ أي: النقصان (٤).
قوله تعالى: {ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ}: أي: الإيفاءُ خيرٌ لكم من البَخْس {إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}؛ أي: إن كنتم ممَّن همُّه وقصدُه الإيمانُ بالحق؛ إذ ورد البيان وقام البرهان.
وقال وهبٌ: كان على أهل مدين ملكٌ جبَّار، وكانوا في سعة من العيش ورفاهيةٍ، فأرسل الملك إلى أهل مملكته يأمرهم باحتكار الطعام ونقصِ مكائلهم وموازينهم وقرض الدراهم، وهو أول مَن قرضها، وكانوا يبخسون الناس حقوقهم، فنهاهم عن ذلك شعيب.
(١) رواه عنه إسحاق بن بشر وابن عساكر كما في "الدر المنثور" (٣/ ٥٠١).
(٢) رواه عنهما إسحاق بن بشر وابن عساكر كما في "الدر المنثور" (٣/ ٥٠٢).
(٣) رواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (٩/ ٥٠٢) من طريق جويبر عن الضحاك.
(٤) رواه إسحاق بن بشر وابن عساكر عن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- كما في "الدر المنثور" (٣/ ٥٠١).