وكان لهم فسادٌ آخر نهاهم عن ذلك، وهو قوله تعالى:
* * *
(٨٦) - {وَلَا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ وَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ}.
{وَلَا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ}: أي: لا تجلسوا في كلِّ طريقٍ، و {بِكُلِّ صِرَاطٍ} و (في كلِّ صراطٍ) و (على كلِّ صراط) تتقاربُ معانيها: الباء للإلصاق، و (في) للظرف، و (على) للاستعلاء.
و {تُوعِدُونَ}؛ أي: تهدِّدون، وهو على معنى الحال.
قال ابن عبَّاس والحسن وقتادة ومجاهد: كانوا يقعدون على طريقِ مِن قصد شعيبًا للإيمان به فيخوِّفونه بالقتل (١).
قوله تعالى: {وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ}: أي: تَصْرِفون عن طريق الإسلام {مَنْ آمَنَ بِهِ}؛ أي: مَن أراد أن يؤمن باللَّه عز وجل {وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا}؛ أي: تطلبون للسبيل تعويجًا وتحريفًا؛ أي: يقولون: هي سبيلٌ باطلٌ لا حقٌّ.
والعِوَج بكسر العين في الدِّين وفيما لا يُرى، وبالفتح في العُود والحائط وما يرى (٢).
وقال ابن عبَّاس رضي اللَّه عنهما: كانوا يجلسون في الطرق فيُخبرون مَن أتى عليهم أن شعيبًا كذَّاب (٣).
(١) رواه عنهم -عدا الحسن- الطبري في "تفسيره" (١٠/ ٣١٣ - ٣١٤).
(٢) انظر: "معاني القرآن" للزجاج (٢/ ٣٥٤).
(٣) رواه الطبري في "تفسيره" (١٠/ ٣١٣).