(٨٧) - {وَإِنْ كَانَ طَائِفَةٌ مِنْكُمْ آمَنُوا بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ وَطَائِفَةٌ لَمْ يُؤْمِنُوا فَاصْبِرُوا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ}.
قوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ طَائِفَةٌ مِنْكُمْ آمَنُوا بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ وَطَائِفَةٌ لَمْ يُؤْمِنُوا فَاصْبِرُوا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا}: يقول لقومه: لا يمنعْكم عن الإيمانِ بي اختلافُ الناس عليَّ وكثرةُ مَن لم يؤمِن بي، فإن العاقبة المحمودةَ للحق وأهله وإنْ قلَّ عددهم.
{فَاصْبِرُوا}: ليس هذا أمرًا لهم بالمقام على الكفر، لكن معناه: فانتظروا العاقبةَ حتى يحكم اللَّه بيننا بنصرنا وإهلاككم.
قوله تعالى: {وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ}: خيرُ مَن حكَم بين العباد؛ لأنَّه يحكم بالحق والعدل.
وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: يجوز أن يكون {فَاصْبِرُوا} أمرًا للمؤمنين، فإنهم كانوا لم يُؤمروا بقتالهم، ويجوز أن يكون أمرًا للكفار، وكانوا يقولون: الحقُّ ما نحن عليه، فإنَّ اللَّه أمرنا بذلك، وهم شفعاؤنا ومقرِّبونا إلى اللَّه زُلفَى، فقال: {فَاصْبِرُوا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ} في القيامة {بَيْنَنَا} فيتبيَّنَ الحق من الباطل (١).
* * *
(٨٨) - {قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَاشُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ}.
قوله تعالى: {قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ}: قال وهبٌ: ولما نهاهم عن التطفيف والبَخس أَرسل إليه ملكُهم وقال له: ما تقول فيما أَمرتُ أنا الناسَ به من
(١) انظر: "تأويلات أهل السنة" (٤/ ٥٠٠).