ثم أخبر أن اللَّه عز وجل إذا أعطاهم ذلك استأداهم شكره بطاعته، وذلك قوله تعالى:
{فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ} أي: كيف تشكرون نعمه.
وقيل: أي: يمتحنكُم بما يعطيكم، فالدار الدنيا (١) دارُ امتحان؛ ليظهر (٢) كيف ائتمارُكم بأوامره، وانتهاؤكم بنواهيه، وشكرُكم على عطيَّته، وصبرُكم على بليَّته.
* * *
(١٣٠) - {وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ}.
وقوله تعالى: {وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ}: أي: ابتَلينا قومَ فرعون بالقحط، جمع سنةٍ، ويطلق على الجَدْب ولا يطلق على الخِصب؛ لأن الجدب نادرٌ غيرُ غالبٍ (٣)، والنادرُ أحقُّ بالإفراد بالذكر لانفراده بالمعنى الذي ندر به، يقال: أصابتهم سنة؛ أي: جَدْب، وأسنتوا؛ أي: أَجْدبوا.
وقوله تعالى: {وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ}: هذا في حق الأشجار والأولُ في الزروع.
وقال ابن عبَّاس رضي اللَّه عنهما: السِّنونَ لأهل البوادي، ونقصُ (٤) الثمرات لأهل القرى، وهما آيتان (٥).
وقوله تعالى: {لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ}: أي: ليذَّكَّروا؛ أي: ليتَّعِظوا ويرجعوا إلى الحق (٦) فيخلصوا.
(١) "الدنيا" من (ف).
(٢) في (ف): "لينظر".
(٣) في (ر): "ليس بغالب".
(٤) "من" ليس في (ف).
(٥) رواه عبد الرزاق في "تفسيره" (١٦٣٢)، والطبري في "تفسيره" (١٥/ ١٠١).
(٦) في (أ): "ويراجعوا الحق".