(١٣٢) - {وَقَالُوا مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ}.
وقوله تعالى: {وَقَالُوا مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنَا بِهَا} قال الخليل: يعني: أيَّ شيء، وأصله: (ما ما) الأولى اسمٌ والثانية (١) صلةٌ، وأُبدلت الألف بالهاء لئلا يوهِم التكرير، وهو مبالغةٌ في العموم.
وقيل: (مَهْ) بمعنى: اكفُفْ و (ما) شرطٌ، قاله سيبويه (٢).
ومعنى الآية: أن قوم فرعون قالوا لموسى: أيَّ شيءٍ أتيتَنا به من آيةٍ تدَّعي أنها من عند اللَّه فإنما هي سحرٌ تريد أن تخدعَنا به.
وقوله تعالى: {فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ}: أي: فلا تشتغلْ (٣) بإيرادها فما نحن بمصدِّقينَ لك أنها من عند اللَّه، وهذا منهم (٤) غايةُ الجهل والضلالة؛ إذ كذَّبوه بما لم يأتِ به بعدُ، وأظهروا أنهم مُصرُّون على كذبهم وكفرهم أبدًا، غيرُ منقادين للحقِّ وإنْ ظهر وبدا.
قال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: دلت الآية أنهم كانوا معانِدين قد علموا بكلِّ آية قد جاءتهم قبل ذلك أنها من عند اللَّه تعالى، وما كان امتناعُهم عن الإيمان لشبهة أو ريبة (٥).
وقال الإمام القشيري رحمه اللَّه: جعلوا الإصرار على الاستكبار شعارَهم، وهتكوا بألسنتهم في العتوِّ أستارهم (٦).
(١) في (أ) و (ف): "والأول اسم والثاني".
(٢) والأول قول الخليل جوابًا لسيبويه لما سأله عن (مهما). انظر: "الكتاب" (٣/ ٥٩ - ٦٠).
(٣) في (١): "تستعجل".
(٤) بعدها في (ف): "في".
(٥) انظر: "تأويلات أهل السنة" (٤/ ٥٤٧).
(٦) انظر: "لطائف الإشارات" (١/ ٥٦٠).