ومن الإشارة المعروفة في الآية: أن موسى صلواتُ اللَّه عليه استَخلف هارون واعتمد عليه في حفظ قومه فعبدوا العجل، ورسولُنا -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: اللَّهُ خَليفتي على أمَّتي، فثبَّتهم اللَّه عزَّ وجلَّ على الحق.
* * *
(١٤٣) - {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ}.
وقوله تعالى: {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا}: قال الكلبي: أي: لميعادنا الأربعين، واللام لبيان الوقت، كما قال: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} الإسراء: ٧٨.
قال وهب: جاء طورَ سِينا ومعه جبريلُ عليه السلام، فتطهَّر وطهَّر ثوبه (١).
{وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ}: بلا واسطةٍ بغيرِ كيفيةٍ، فلما سمع كلامه طمع في رؤيته لغلَبة شوقه، فسأل ذلك، وهو قوله تعالى:
{قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ}: وهو حجةُ أهل السنَّة والجماعة على جواز رؤية اللَّه تعالى، فإن موسى صلوات اللَّه عليه اعتقد جوازها حتى سألها، واعتقادُ جوازِ ما لا يجوز على اللَّه كفرٌ، ومَن جوَّز ذلك على موسى أو على أحدٍ من الأنبياء فهو كافر.
وقوله تعالى: {قَالَ لَنْ تَرَانِي}: ولم يقل: لن أُرى، ليكون نفيًا لجواز الرؤية، بل قال: لن تراني؛ أي: لن تُطيق أنت في الدنيا أن ترانيَ، وهو كما قال تعالى: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا} البقرة: ٢٤؛ أي: لن تُطيقوا أن تفعلوا، وقال اللَّه تعالى: {لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ} البقرة: ٦١؛ أي: لن نطيق أن نصبر.
(١) في (أ) و (ف): "ثوبيه".