الصحيفةُ المهيَّأة للكتابة فيها؛ أي: أنزلنا عليه مع ذلك ألواحًا كُتب له فيها كلُّ شيء، ولأمَّته ما (١) الحاجةُ إليه في مصالح الدِّين والدنيا، ويراد بـ {كُلِّ شَيْءٍ} هذا، ويراد به أيضًا تعظيمُ قَدْرِه وتفخيمُ شأنه، كما يقول الرجل: دخلتُ السوقَ فاشتريتُ كلَّ شيء، و: عند فلانٍ كلُّ شيء، ومنه قوله تعالى: {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ} الأحقاف: ٢٥، {وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ} النمل: ٢٣: إنما هو صفةٌ لسَعة ملكها ووُفور أسباب سلطانها.
وعرّف الألواح بالألف واللام لأنها مشهورة عندهم.
وقيل: هو بمعنى الإضافة، وتقديره: في ألواحه، كما قال: {فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} النازعات: ٤١؛ أي: مأواه.
وقوله تعالى: {مَوْعِظَةً}: هي مفعولٌ له؛ أي: ليكون تحذيرًا عمَّا لا ينبغي أن يُفعل.
وقوله تعالى: {وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ}: أي: تبيينًا.
وقوله تعالى: {فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ}: أي: وقُلنا له: {خذها بقوة} أي: نشاطٍ وجِدٍّ.
وقوله تعالى: {وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا}:
قال ابن كَيْسان: أي: بالفرائض.
وقال قطربٌ: أي: بحسَنها، وكلُّها حَسَن، وهو كقوله تعالى: {وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ} العنكبوت: ٤٥؛ أي: كبيرٌ.
وقال الحسينُ بن الفضل رحمه اللَّه: وهو أن يكون للكلمة معنيان أو ثلاثة فتُصرفَ إلى أشبهه بالحق، وهو قولُه تعالى: {فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ} (٢).
(١) "ما": من (ف).
(٢) ذكر هذه الأقوال الثعلبي في "تفسيره" (٤/ ٢٨٣).