وقوله تعالى: {وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ}: أي: من بعد انطلاقه إلى الطُّور عجلًا؛ أي: أعَدُّوه ليعبدوه، والعجل: ولدُ البقرة.
وقوله تعالى: {مِنْ حُلِيِّهِمْ}: جمع حَلْيٍ بفتح الحاء وتسكين اللام، وهي الحِلْيةُ، وهي ما (١) يُتَّخذ من الذهب والفضة للتنزيين به، والحُليُّ -بضم الحاء وكسر اللام وتشديد الياء- جمعُه، وتقديره: الفُعول، والواو صيِّرت ياءً لأنها لا تسلَم معها، وكُسرت اللام لأن الياء أختُ الكسرة، وقد يقال: حِلِيٌّ بكسر الحاء إتْباعًا لكسرة اللام.
{مِنْ حُلِيِّهِمْ} إضافة إلى قوم موسى، وفي آية أخرى قال تعالى: {حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ} طه: ٨٧، فأضافها إلى قوم فرعون في آية بحُكم المِلْك، وأضافها إلى قوم موسى في آيةٍ بحُكم العاريَّة.
وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: فدل أن العارية يجوز أن تُنسَب إلى المستعير، وفيه دلالةٌ على (٢) أن مَن حلف لا يدخل دار فلان فدخل دارًا له عاريةً حَنِث (٣).
وقوله تعالى: {عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ}: هو بدلٌ عنه وترجمة له ومعناه جسمًا.
وقال الكلبي: جسدًا مجسَّدًا ليس فيه روحٌ وله لحمٌ ودمٌ وشعر.
وقوله تعالى: {لَهُ خُوَارٌ}: أي: صوتٌ، وهو صوت البقر على الخصوص.
قيل: إن السامريَّ احتال بأن جوَّفه وقابَلَ به الريحَ حتى جاء من ذلك ما يُشبه الخوار، وأَوهمهم أنه صار كذلك.
وقيل: بل صار عجلًا له خوارٌ حقيقةً، قال ابن عباس رضي اللَّه عنهما: كانت فتنتُهم في العشر التي زادها اللَّه تعالى، فلمَّا مضت ثلاثون ليلةً، وكان السامريُّ أخذ
(١) في (ف): "وهو الحلية وهو مما".
(٢) "على": ليس في (أ).
(٣) انظر: "تأويلات أهل السنة" (٥/ ٤١).