قبضةً من أثرِ فرسِ جبريلَ عليه السلام في البحر، فقال حين مضى ثلاثون ليلةً: يا بني إسرائيل، إنَّ معكم من حليِّ آل فرعون وهو حرامٌ عليكم، فهاتوا ما عندكم فنُحرقَها، فأَتَوه بها، فأوقد نارًا ثم أَلقى الحليَّ في النار، فلما ذاب ألقى تلك القبضةَ من التراب فيها فصار عجلًا جسدًا له خوارٌ، فخار خورةً واحدة، فقال السامري: إن موسى ذهب يطلب ربَّكم، فهذا إلهُ موسى وإلهُكم فنسي؛ أي: أخطأ موسى الطريقَ وهاهنا إلهُه.
وقال ابن عباس رضي اللَّه عنهما: {فَنَسِيَ}؛ أي: ترك السامريُّ ما كان عليه من الإسلام.
قال: ولم يكن هو من بني إسرائيل في النسبة إنما كان وقع بمصر فدخل في بني إسرائيل وأظهر الإسلام، وفي نفسه حبُّ عبادة البقر، واسمه موسى بن ظفر (١).
وقال السدِّيُّ: جعل العجلُ يمشي كما يمشي العجلُ (٢)، قال: واسم السامري: ميحا (٣).
وقال وهب: لم يكن له حركةٌ ولا خطوةٌ، إلا أن الخوار كان يُسمع منه.
وقال أبو هريرة -رضي اللَّه عنه-: لمَّا قال اللَّه تعالى لموسى: {فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ} قال: يا رب! هذا العجلُ اتَّخذه السامريُّ فممَّن كان صوته؟ قال: مني، قال: يا رب! أنت فتنتَ قومي؟ فقال: إنما فعلت ذلك لأنك سلَّمتهم إلى هارون فقلتَ: اخلُفْني في قومي (٤). وقد بينَّا بعض هذه القصة في سورة البقرة، ونذكُر تمامها في سورة طه إن شاء اللَّه تعالى.
(١) روى هذه الأقوال عن ابن عباس الطبري في "تفسيره" (١/ ٦٧٢) و (١٦/ ١٤١).
(٢) قطعة من خبر طويل عن السدي رواه الطبري في "تفسيره" (١/ ٦٧٠) و (١٦/ ١٤٠).
(٣) لم أجده عن السدي، وذكره دون عزوٍ الثعلبي في "تفسيره" (١/ ١٩٤) والبغوي في "تفسيره" (١/ ٩٤)، وعزاه ابن الجوزي في "زاد المسير" (٥/ ٣١٨) للكلبي. وعندهم جميعًا: (ميخا) بالخاء.
(٤) لم أجده عن أبي هريرة، وذكر نحوه مقاتل في "تفسيره" (١/ ١٠٤)، وأبو الليث في "تفسيره" (١/ ٥٦٦).