وقال الإمام القشيري رحمه اللَّه: إذا انتهت مدةُ الإمهال فليس بعده غيرُ الاستئصال، وإذا سقط العبد عن عين اللَّه لم ينتعِش بعده أبدًا، ومَن أسقطه حكمُ الملوك فلا قبولَ بعد الرد، وفي معناه أنشدوا:
إذا انصَرفَتْ نفسي عن الشيءِ لم تَكَدْ... إليه بوجهٍ آخِرَ الدَّهر تُقبِلُ (١)
* * *
(١٦٧) - {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ}.
وقوله تعالى: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ} قال الحسن رحمه اللَّه: أي: أعلمَ (٢)، وهو قول الزجَّاج (٣).
وقيل: أَسْمعَ وأَقْسمَ.
وقوله تعالى: {لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ}: أي: ليسلِّطنَّ عليهم؛ أي: اذكر يا محمد إذ أَعْلَمَ اللَّه أسلافهم على ألسنة أنبيائهم أنهم إن غيَّروا وبدَّلوا ولم يؤمنوا بالنبيِّ الأميِّ سلَّط اللَّه عليهم العرب يقاتلونهم إلى أن يُسلموا أو يُعطوا الجزية صاغرين، وهو من سوء العذاب؛ أي: أشدِّه وأشقِّه.
وقوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ}: لا يحتاج إلى إحضارِ أسبابه وإعداد آلاته.
وقوله تعالى: {وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ}: مع هذا لمن تاب وأناب، وقد حقَّق اللَّه
(١) انظر: "لطائف الإشارات" (١/ ٥٨١).
(٢) ذكره الماوردي في "النكت والعيون" (٢/ ٢٧٣)، والواحدي في "البسيط" (٩/ ٤٢٢ - ٤٢٣).
(٣) انظر: "معاني القرآن" للزجاج (٢/ ٢٨٧).