ذلك بما كان من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من إجلائهم عن أوطانهم، وقتلِهم وسبي نسائهم وولدانهم، ثم إنهم إلى الآن مقموعون، وكذا يكونون إلى يوم القيامة.
وقال ابن عباس رضي اللَّه عنهما: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ}؛ أي: قال ربك (١).
وقال عطاء: وإذ ختَم ربك.
* * *
(١٦٨) - {وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَمًا مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}.
وقوله تعالى: {وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَمًا}: أي: فرَّقناهم في البلاد فِرقًا.
وقوله تعالى: {مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ}: أي: دون الصالح.
{وَبَلَوْنَاهُمْ}: أي: اختبَرْناهم، ومعناه: عامَلْناهم معاملةَ المختبِر، وإن كان لا يَخفى على اللَّه شيء لكن ليُظهر للناس ما كان عَلِمَه منهم.
وقوله تعالى: {بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ}: أي: الأحوالِ الحسنة من السَّعةِ والخِصب، والأحوال السيئة من الضِّيق والجَدْب؛ أي: صرَّفناهم على أحوال شتى.
وقوله تعالى: {لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}: أي: ليرجعوا عن الباطل إلى الحق؛ أي: فلم يرجعوا.
وقال الكلبي: {مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ}: هم الذين وقعوا وراء الصين، وهم الذين ذكرناهم في قوله تعالى: {وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ} الأعراف: ١٥٩ {وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ}؛ أي: مَن هاهنا من اليهود (٢).
(١) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٤/ ٢٩٠)، والبغوي في "تفسيره" (٣/ ٢٩٥). ورواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (٥/ ١٦٠٣) عن مجاهد وسفيان الثوري.
(٢) ذكره الواحدي في "البسيط" (٩/ ٤٢٧)، والبغوي في "تفسيره" (٣/ ٢٩٥). وقد ذكرنا أن قصة الصين ليست سوى خرافة لا أصل لها في هذا الدين.