وقال عطاء ومجاهد: {مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ} الذين آمنوا بمحمد وعيسى {وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ} مَن لم يؤمِن (١).
وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: {وَقَطَّعْنَاهُمْ} يحتمِل تفريقَهم في وقتٍ واحد في أماكن، ويحتملُ تفريقَهم في الأهواء، ويحتمِل: وقطعناهم في الأرض أممًا أمةً بعد أمةٍ وعصرًا بعد عصرٍ، ولذلك قال: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ}.
وقال في قوله تعالى: {وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}: هذا يخرَّج على وجوه:
اختبرناهم بالنعم ليرجعوا إلينا بالشكر والثناء، وبالمحن ليعرفوا قدرتنا فيرجعوا إلينا بالتضرُّع والدعاء.
ويحتمل: وبلوناهم بهذا وبهذا (٢) ليتقرَّر عندهم أن غيرهم أملكُ بهم من أنفسهم، فيرجعوا إليه بتسليم النفوس لأمره وحكمه.
ويحتمل: وبلونا المؤمن والكافر بالحسنات والسيئات، حتى إذا رأوا الاستواء في الدنيا وفي الحكمة التفريقُ بينهم، فيضطروا إلى الإيمان بالبعث لذلك.
ويحتمل: أنه إنما جعَل النعيمَ في الدنيا ليعرفوا لذةَ الموعود (٣) في الآخرة، وكذلك الشدة ليعرفوا به (٤) ألم العذاب في الآخرة، فابتلاهم بالأمرين ليرغبوا في نِعَم الجنة ويَحذروا عقوبات النار (٥).
(١) ذكره دون عزو لقائل ابن الجوزي في "زاد المسير" (٣/ ٢٧٩).
(٢) في (ف): "وهذا".
(٣) في (ف): "اللذة الموعودة"، والمثبت من باقي النسخ و"التأويلات".
(٤) "به": ليست في (ف).
(٥) انظر: "تأويلات أهل السنة" (٥/ ٧٦ - ٧٧)، وما بين معكوفتين منه.